Research Media

السعودية وتونس: حوار مع ستيفان لاكروا، أستاذ علوم سياسية

Tunisie/Arabie Saoudite: la politique internationale à l'épreuve du rescapé révolutionnaire.

FB LIVE Tunisie/Arabie Saoudite: la politique internationale à l'épreuve du rescapé révolutionnaire.Avec Stéphane Lacroix, à suivre sur Barr al Aman - برُّ الامانIl est actuellement professeur associé à Sciences Po, chercheur au Centre d’Etudes et de Recherches Internationales (CERI), arabisant il fait ses recherches sur l'Arabie Saoudite.Parmi ses publications: 2010 - Les islamistes saoudiens: une insurrection manquée2011 - The meccan rebellion: the story of juhayman al-'utaybi revisited2018 - Revisting the Arab Uprisings: The Politics of a Revolutionary Moment

Publiée par ‎Barr al Aman - برُّ الامان‎ sur Mardi 27 novembre 2018

“ستيفان لا كروا” هو إسم لامع في مجال تحليل السياسة السعودية و من أهم المختصين في التركيبة السياسية و الاجتماعية داخل المملكة حيث لا تزال أطروحته  المعنونة ب”زمن الصحوة” في ترجمتها العربية أبرز المراجع الرئيسية في فهم نشأة الظاهرة السلفية السعودية و تحولات العلاقة بين السياسي و الديني هناك على مدة القرن الماضي. و استضافه فريق “بر الأمان” يوم 27 نوفمبر الماضي في لقاء مباشر عبر شبكة الفايسبوك للحديث عن أبعاد زيارة ولي العهد السعودي “محمد بن سلمان” إلى تونس كحدث شغل الرأي العام الوطني على مدى الأسبوع المنقضي ثم امتد النقاش في ما بعد إلى استشراف لمستقبل النظام السعودي و دوره في المعادلة الإقليمية و الدولية الحالية بعد حادثة اغتيال الصحفي “جمال خاشقجي”. (صورة من موقع ستيفان لاكروا: www.stephanelacroix.net )

في أي إطار تأتي زيارة ولي العهد السعودي “محمد بن سلمان” إلى تونس ؟

تونس هي المرحلة الرابعة من جولة “محمد بن سلمان” في بعض الدول العربية و سبب هذه الجولة الأزمات التي مرت بها السعودية مؤخرا. أزمة اغتيال “خاشقجي” سببت موقفا محرجا لابن سلمان و هنالك أدلة كبيرة على تورطه في هذا الاغتيال بالرغم من عدم اعتراف ترامب بذلك لأسباب سياسية. التصريحات الأمريكية في البداية كانت شديدة اللهجة و كذلك هو الأمر من الأوروبيين و من عدد من المنظمات الدولية. كانت هنالك تنبؤات تذهب إلى إقصاء محمد بن سلمان من ولاية العهد لكني شخصيا لا أعتقد انه سيتم إقصاؤه . المحطة الأخيرة هي تونس و التي لا تعتبر من الدول الموالية التقليدية . برغم كل الضغوط التي مورست على تونس فإن الموقف التونسي الرسمي كان فيه شيء من الحياد و ربما كان لابن سلمان ثقة في من يمثل النظام الرسمي التونسي.

ما يحصل الآن هو أكبر تغيير في السياسة السعودية فهي قائمة بشكل كبير على عدد من التوازنات (بين السياسي و الديني) و بين أجنحة العائلة و توازنات أخرى بين رجال الأعمال و العائلة المالكة.

ما هو الثمن و وسائل الضغط السعودية على بقية البلدان؟

أغلبية الأنظمة العربية تحتاج إلى المال السعودي و هنالك بعض الأنظمة التي ترى أنه طالما أن ترامب يؤيد هذا النظام فإن ذلك قد يحقق شيئا من مصالحها. بعد 2011 كان هنالك حركة في السعودية دعت إلى مظاهرات و كان هنالك عرائض قدمت إلى مؤسسات الحكم ومن بينها عريضة قد قدمت في فيفري 2011 تحت مسمى “نحن دولة الحقوق و المؤسسات” وقعها مئات المثقفين السعوديين وطالبوا فيها بتحويل المملكة إلى ملكية دستورية و كل هؤلاء تحركوا بسبب ضغوطات لما حصل في تونس و مصر. و قد وقع على هذه العريضة 9000 شخص بأسمائهم الحقيقية.وفي الشرق السعودي أين ينتشر الشيعة بشكل كبير ظهرت عديد المظاهرات في مناطق “العوامية” و في “القطيف” وقد قتل فيها عشرات الأشخاص من قبل قوات الشرطة السعودية. عدم الاستقرار في هذه المنطقة النفطية سبب حالة من الهلع و عدم الارتياح من النظام السعودي للسياق السياسي للثورات العربية.

فالسعودية مبنية على التحالف التقليدي بين السلطة السياسية و السلطة الدينية الوهابية. كل طرف منهما كان يدعم الآخر و لكن كان دائما هناك شيء من الخوف و الريبة من الطرف المقابل. الفاعلون الدينيون في السعودية لديهم هامش من الاستقلالية. العلماء لا يتدخلون في الشؤون السياسية و لكن السياسيين يتدخلون في الشأن الديني و هو ما يمكن أن نسميه علميا ب”العلمنة المعكوسة”.

تقديم لكتاب “زمن الصحوة”، ستيفان لاكروا

هل طريقة إدارة”محمد بن سلمان” للشأن العام تمثل تغييرا كبيرا في هذا التوازن؟

ما يحصل الآن هو أكبر تغيير في السياسة السعودية فهي قائمة بشكل كبير على عدد من التوازنات (بين السياسي و الديني) و بين أجنحة العائلة و توازنات أخرى بين رجال الأعمال و العائلة المالكة. كان هنالك شيء من الأفقية في النظام السعودي و اللعب على مختلف هذه التوازنات . هذا يعني أن النظام السعودي لا يملك أن يأخذ قرارات بسهولة لأن عليه إرضاء كافة الأطراف. لم يكن هنالك إصلاحات حقيقية في المجال الاقتصادي لهذا السبب تحديدا. تبعا لذلك فقد أشعر “بن سلمان” الجميع بأن تغيير هذه المعادلات يجب أن يحدث حتما لأن النظام الريعي في أزمة. يجب العمل على اقتصاد منتج و ليس مستهلك. فالحاجة ملحة إلى شخصية قوية تحتكر السلطة و كان هنالك بعض السعوديين ممن راقهم هذا الكلام.

ما هي الشرعية التي تأتت ل”ابن سلمان” كي يقوم بهذه التغييرات؟

محمد بن سلمان أتى في وقت كاد فيه النظام السابق أن يندثر  إذ أن وراثة العرش كانت بين أبناء الملك “عبد العزيز”  و أغلبهم قد توفي و لم يبق منهم إلا القليل. فكان على النظام السعودي أن يعيد إنتاج نفسه و يعيد النظر في قواعد التوريث. و قد فرض الملك سلمان ابنه في هذا المنصب ثم بدأ يقصي كافة المنافسين له من العائلة الحاكمة تدريجيا فبدأ بآل سلطان و آل نايف و عين موالين له على رأس الوزارات الهامة . وقد قام بنفس الفعل مع العلماء حيث أقصاهم من كل المجالات ففي 2016 أخذ محمد بن سلمان القرار بعد السماح ل”هيئة الأمر بالمعروف و النهي عن المنكر” بالقبض على أشخاص و اقتصر دورها منذ ذلك الوقت على النصح و الإرشاد.

بالنسبة للمعارضين الذين تم اعتقالهم في 2017 فقد أوردت المصادر الرسمية أنهم لم يساندوا حصار قطر و لكن نقدهم لابن سلمان يعتبر السبب الرئيسي لاحتجازهم. وقد هاجم كذلك عددا من رجال الأعمال ك”آل بن لادن” .فابن سلمان كان أسرع كثيرا من الجميع واستخدم سلطة والده لتبرير ما يقوم به من تحركات.

هل مثلت حادثة اغتيال “جمال خاشقجي” حدثا فاصلا في مسيرة “محمد بن سلمان” السياسية ؟

الصحف العالمية لم تركز على حرب اليمن إلى غاية سنة 2017 . ففي سنة 2017 و عندما بدأت تشرف الحرب في سوريا على النهاية انتبه العالم أكثر إلى الحرب في اليمن. و بدأت تداعياتها تطل على بعض الدول الغربية كفرنسا و الولايات المتحدة التي كانت تدعم النظام السعودي لوجستيا و عسكريا. عند ذاك بدأت الضغوطات على السعوديات لإيقاف الحرب و بدأت هذه الأطراف تدرك بأن هذا الشريك غير مستقر و قد يسبب مشاكل لهم. بحثوا أولا عن شخصية أخرى لخلافته فلم يجدوا لأنه أقصى جميع منافسيه. فبدأ التوجه بالضغط على السعودية في ملف اليمن بعد اغتيال خاشقجي.

بالنسبة لجمال خاشقجي فهو معروف بارتباطه بالأسرة الحاكمة منذ أكثر من 30 سنة. لماذا تم اغتياله هو تحديدا و في هذا الوقت بالذات؟

جمال خاشقجي كان قريبا من السلطة في زمن ما و هذا أمر معروف و لكنه كان يحمل حسا نقديا من داخل المنظومة. لقد كان مدعوما بالأساس من الأمير “تركي الفيصل” الذي كان يحتاجه لبعض المهمات و يلعب دور الدبلوماسي الموازي لصالحه أحيانا لكنه مع ذلك كان ينتقد النظام في حدود معينة و لذلك أقيل من منصبه كرئيس تحرير لجريدة “الوطن” السعودية. كان النظام السعودي إلى حدود سنة 2015 يسمح بوجود مثل هذه الأصوات بسبب تركيبة الحكم. بعد 2015 و ما تم من قضاء على مرتكزات هذه المنظومة لم يعد المجال مفسوحا لخاشقجي كي يمارس نقده المعهود فهاجر إلى واشنطن. بالنسبة للنظام السعودي هنالك مشكلتان مع “جمال خاشقجي” أولاهما تتعلق بولاءات خاشقجي لجناح تركي الفيصل و الثانية هي علاقاته الواسعة خارج السعودية بين الصحافيين العالميين و الدبلوماسيين و المسؤولين الغربيين و حتى بعض الوزراء الأمريكيين و بعض أعضاء الكونغرس. و هنالك سبب ثالث أيضا للاختلاف مع النظام هو انتماؤه السابق لجماعة الإخوان المسلمين أثناء الثمانينات قبل تحوله إلى صوت ليبرالي في الألفينيات . و هو من الشخصيات القليلة التي تمتلك علاقات مميزة مع الإسلاميين و العلمانيين على حد سواء بل هو الشخص الوحيد الذي يستطيع أن يستقطب مختلف أطياف المعارضة السعودية في الخارج و هذا سبب كاف للقيام بتصفيته.

هل هنالك إمكانية لإزاحة “محمد بن سلمان” من ولاية العهد ؟

طرح هذا الأمر في فترة معينة لأن دائرة الخصوم بدأت تتوسع بين العائلة الحاكمة و رجال الأعمال و علماء الدين. لكني لا أتوقع حدوث ذلك فمحمد بن سلمان هو أقرب إلى السلطة الزعاماتية القديمة و خصومه منقسمون و ليس لهم جرأة التحرك ضده .

كيف تحولت العلاقة بين المملكة العربية السعودية و إسرائيل من العداوة بعد أزمة النفط سنة 1973 إلى التعاون الحثيث؟

أعتقد أن السبب وراء هذا التغيير في العلاقة بروز إيران كقوة إسلامية بعد الثورة مما أشعر السعوديين بالمنافسة. و السعوديون بشكل عام يحسون أن إيران أكثر تهديدا لهم من غيرهم. لذلك بدأوا في تغيير تحالفاتهم بناء على هذا المعطى تحديدا .فالتقارب مع إسرائيل كان موحودا و منذ 15 سنة و الاتصالات متواترة بين الطرفين في الخفاء. الجديد مع “محمد بن سلمان” هو عدم شعوره بعمق القضية الفلسطينية لذلك يستطيع التصريح دون حرج بعلاقاته مع إسرائيل.

الرابط للكتاب المترجم بالعربية

الرابط للكتاب في لغته الأصلية

 

Mohamed HADDAD