Research Media
S2EP23: دائرة المحاسبات، جولة في أركان مراقب حسابات الدولة

S2EP23: دائرة المحاسبات، جولة في أركان مراقب حسابات الدولة

حسب الدستور الجديد للجمهورية التونسية تنقسم السلطة القضائية إلى قسمين: الأول تمثّله المحكمة الدستورية اللي مازلنا في انتظار تشكيلها. والثاني هو اللي يشرف عليه المجلس الأعلى للقضاء. واللي ينقسم بدوره إلى ثلاثة فروع: القضاء العدلي، القضاء الإداري والقضاء المالي. بالنسبة للأخير حدّد الدستور في الفصل 117 أنّه اختصاص محكمة المحاسبات. شنية المحكمة هذي؟ وآش فيها جديد على دائرة المحاسبات اللي مازالت مشرفة على القضاء المالي حتى اليوم؟

Version française

تدوينة صوتية

من الجانب الشكلي، أوّل حاجة جديدة تتعلق بتعديل الاسم اللي صار مناسب أكثر لحقيقة مهام المؤسسة: من دائرة الى محكمة. ثانيها، أنّه صار ثمة قانون واحد ينظمّ عمل المحكمة. وهو قانون أساسي فيما قبل كان ثمّة أكثر من نصّ، انضاف للقانون المؤسس للمحكمة : قانون عدد 8 1968، اللي كان قانون عادي. القانون الأساسي هذا مازال ما دخلش حيز التنفيذ وينتظر مناقشته والمصادقة عليه من مجلس نواب الشعب.

أمّا من ناحية المضمون، فإنّه أهمّ ما جاء في القانون الجديد يتمثّل في: توسيع الاختصاصات: إذ صارت تشمل كامل قطاع المالية العمومية بمفهومه الواسع والشامل، كيما ورد في نصّ شرح الأسباب. وهو ما يعني عمليا النظر في كلّ المؤسسات الرسمية أو غير الرسمية اللي تساهم الدولة في رأس مالها، بما في ذلك النظر في حسابات وتصرف الهيئات الدستورية والتعديلية الجديدة كيما مثلا الهايكا والهيئة المستقلة للانتخابات.

وديما مع الاختصاصات، نذكّر أنّه للمحكمة اختصاصات قضائية (القضاء في حسابات المحاسبين العموميين وزجر أخطاء التصرف ) إلى جانب اختصاصات غير قضائية، تحديدًا: الرقابة على كافة الهياكل العمومية. وفي المجال هذا ينصّ القانون الجديد على اختصاصات رقابية اضافية من أهمّها: التصريح بمطابقة حسابات المحاسبين العموميين لحلساب العام للدولة، والمساهمة في تقييم السياسات والبرامج العمومية، وذلك عبر الأخذ بعين الاعتبار منظمة التصرف في الميزانية حسب الأهداف اللي صارت الدولة متبنيّتها في إطار “الاصلاحات” المطلوبة من المؤسسات المالية المانحة. كذلك مساعدة البرلمان والحكومة على مراقبة تنفيذ قوانين المالية وغلق الميزانية، رقابة أصحاب اللزمات والمؤسسات المكلفة بانجاز مشاريع عمومية أو ادارة مرافق عمومية في إطار الشراكة بين القطاعين العام والخاصّ.

أخيرًا وليس آخرًا، ينصّ مشروع القانون الجديد في الفصل 3 على الاستقلالية التامة للمحكمة وعلى تمتعها بالاستقلال المالي والاداري. لكن قضاة المحكمة اللي قابلناهم وان كانوا يثمّنوا تحقق الاستقلال الوظيفي والادراي الاّ أنّهم مازالوا يطالبوا بالمزيد من الاستقلالية المالية. لأنّه حسب مشروع القانون مازال المحكمة مرتبطة ماليا برئاسة الحكومة، فيما أعضاؤها يطالبوا بتخصيص اعتمادات خاصّة ليهم (ما يعرف بالمهمة الخاصة في الميزانية) حسب ما يحددوه بأنفسهم من حاجيات، ويناقشوها مباشرة مع البرلمان.

 

Mohamed HADDAD