Research Media

تونس : ماهو البديل والحلّ لمعضلة الديون ؟ 

Contents

نبذة مختصرة

زار وفد رسمي تونسي واشنطن يوم 3 ماي 2021 لتقديم الخطة الحكومية ل”التعافي الإقتصادي” و لطلب قرض من صندوق النقد الدولي FMI لتنفيذ هذه الخطة. رئيس الحكومة هشام المشيشي قدّم طلبا لمبلغ قياسيّ يقدّر ب 4 مليار دولار[1] و هو القرض الرّابع في السنوات العشر الأخيرة. هذا يبيّن أن الوضعية لم تتحسّن قيد أنملة، قرضا بعد قرضٍ. لماذا قد يكون الحال مغايرا هذه المرة ؟ البلاد على شفا الوقوع في فخّ عدم القدرة على السّداد وحكومة هشام المشّيشي تتعنّتُ في تطبيق نفس السياسة التي أوقعت تونس في شراك الديون ولازالت تبحث عن العملة الصعبة بأي ثمن لضمان سداد دينها الخارجي و للحفاظ على التدفقات التجارية التي لا تستفيد منها إلا النخبة المهيمنة.

رغم أن التصنيف الإئتماني لتونس تمّ تخفيضه إلى B3 مع توقّعات سلبية من طرف وكالة Moody’s، لا تزال الحكومة ترجو بسذاجة أن تبيع سندات تونس في الأسواق المالية العالمية دون الإكتراث إلى الثمن الاجتماعي الباهض الذي يدفعنا إليه هذا التداين المحموم.

المأزق الاقتصادي الذي نعيشه اليوم لا يقع على كاهل القادة السياسيين التونسيين فقط، فقد تمكّن الدّائنون -الدول الأوروبية أساسا- من زيادة الطّين بلّة من خلال تقديم قروض ثنائية و متعددة الأطراف “كمساعدة للانتقال الديمقراطي” على الرغم من التحذيرات المتكرّرة التي أطلقها الأكاديميون التونسيون منذ بداية العقد الماضي من هذه الحلقة المفرغة التي تقترب الآن من ذروة أعراضها.

سوف ننكبّ في هذا المقال على الآليات الهيكلية التي ساهمت في مضاعفة قاسم : (الدين / الناتج الداخلي الخام) ، و بالتالي في مضاعفة النتائج الاجتماعية و السياسية و خاصّة الاقتصادية لهذا القاسم. نحن ندعو إلى إيقاف حمّى التداين هذه. عوضا عن ذلك، نحن ندافع عن فكرة أن البلاد تحتاج إلى وقت : وقت بدون ديون جديدة و وقت خالٍ من إلزامية سداد الديون القديمة.

من المتوقع أن يصبح الدين العمومي التونسي “غير قابل للتحصيل”[2]. هذا ما صرّح به صندوق النقد الدولي FMI في تقريره السنوي بعد تخفيض تصنيفنا الائتماني من B2 إلى B3 مع توقعات سلبية من طرف وكالة Moody’s[3]. ورغم ذلك، سوف تكون الحكومة التونسية يوم 3 ماي في واشنطن للتفاوض حول قرض جديد مشروط ببرنامج مع صندوق النقد الدولي.

منذ 2011، خسرت تونس 8 نقاط في تصنيف الوكالة الأمريكية. و الخطير في هذا التراجع هو أنه يضع تونس على حافة التصنيف C والذي يعني نسبة عالية من المخاطر و الاستثمارات المعتمدة على المضاربة (speculative investments).

رسميّا، الميزانية تتوقع أن يقدّر قاسم الدّين / الناتج الداخلي الخام ب92%. هذا الرقم أقل من المعقول و من المنتظر أن يتمّ الترفيع فيه في الميزانية التكميلية التي تعدّها حكومة المشيشي و التي تقرّر موعد تقديمها للبرلمان في الثلاثية الثانية من سنة 2021.

هذا التدهور في التصنيف ليس مفاجأة البتّة. منذ شهر أفريل 2020، صدر تقرير آخر لصندوق النقد الدولي يؤكّد أن أزمة الكورونا كان لها أثر كبير و “زادت من ثقل الدين العمومي التونسي[4]“. في الواقع، كان تأثير الجائحة أثقل بكثير من المتوقّع مما أدى إلى نسبة نموّ منخفضة بشكل تاريخي في 2020 :  8,8 –  %. نتيجة لذلك، بلادنا التي أنهكتها الهشاشة، يمكن أن تجد نفسها على حافّة عدم القدرة على سداد ديونها.

تونس لم تكن منذ الأزل تعيش هذه العاصفة. منذ وقت ليس بالبعيد، في السنوات ال2000، كانت هذه الدولة المغاربية الواقعة في شمال افريقيا تعتبر “الطفل المثالي” للمؤسسات المالية العالمية (IFI). في نهاية حكم زين العابدين بن علي الاستبدادي في 2010، كان قاسم ديون تونس بالنسبة لناتجها الداخلي الخام لا يتعدّى ال40% و هو مستوى منخفض بشكل تاريخي.

كيف للدين أن يتفاقم بهذه السرعة و بهذه الدرجة حتى تضاعف في أقل من عشر سنوات ؟ هل هو الفساد ؟ سوء التصرف ؟ ضعف المؤسسات ؟ حتى لو توصّلنا إلى اتفاق. سيكون الرّابع في عقد واحد من الزمن. هل هذا هو الخيار الأنسب لكي تخرج تونس من أزمتها ؟ من المنتفع من الدّين ؟ هل يمكن التفكير في إمكانية عدم القدرة على السّداد ؟

 

الصراعات من أجل السلطة تزيد من تعفّن الوضع الصحي والاقتصادي

بادئ ذي بدء، إنّ المسار السياسي التونسي منذ 2011 طريقٌ لم يخلُ من العقبات. على مدى عقد من الزمن، تعاقب على رأس هذه الدولة عشر رؤساء حكومات و أحد عشر وزيرا للمالية. هذا التناوب السريع ساهم بشكل كبير في تشظّي و تفكّك التصرّف السياسي و الإداري.

الانتخابات العامة في خريف 2019 لم تأت بأية حكومة قوية أو حتّى مستقرّة، فالرّئيس قيس سعيّد خالف كلّ التوقعات و دخل إلى قرطاج مزعزعا “سياسة التوافق” الهشّة القائمة بين الإسلاميين و قوى النظام السابق. من جِهتِهم، احتلّ الإسلاميون المرتبة الأولى في الانتخابات التشريعية رغم مُرورهم بفترة جَزْرِِ، و نَكَثوا بعد ذلك بكلّ وعودهم الانتخابية بتحالفهم مع “قلب تونس” الحزب حديث العهد لصاحبه نبيل القروي، و هو أحد أثرياء وسائل الإعلام تتبعه قضايا خطيرة متعلّقة بالتهرب الضريبي و تبييض الأموال.

الأمور كانت مختلفة تماما قبل ذلك. أثناء الحملة الانتخابية، نفى كلّ من نبيل القروي و حركة النهضة، تماما أية إمكانية للتحالف و حاولوا بناء حملاتهم على التضادّ الواحد تجاه الآخر : الاسلاميون ندّدوا ب”فساد” مدير قناة نسمة الشعبية. و من جهته، قدّم نبيل القروي نفسه على أنه مرشّح الحداثة والاعتدال ومكافحة الفقر.

في نهاية المطاف، لم ينجح قلب تونس و النهضة في تشكيل حكومة في ديسمبر 2019. و بالتالي، انتقلت صلاحية اقتراح مرشّح لرئاسة الحكومة إلى رئيس الجمهورية الذي عيّن شخصية من التيار الاجتماعي-الديمقراطي وهو إلياس الفخفاخ، أحد المترشحين لانتخابات 2019 الرئاسية و وزير سابق للمالية.

حازت حكومة الفخفاخ على ثقة البرلمان إثر الانتخابات و لكنها سرعان ما تعثّرت بعد مناورات قامت بها حركة النهضة و قلب تونس و بسبب وجود شبهات تضارب مصالح. هذا الثنائي النهضة – قلب تونس لم يتوقّف عند ذلك الحد بل تمادى حتى نجح في زرع الفتنة بين قيس سعيّد و هشام المشّيشي و هو خياره الثاني الذي عيّنه في البداية مستشارا في قرطاج ثمّ وزيرا للداخلية و رشّحه لرئاسة الحكومة.

إدارة جائحة كوفيد-19 تأثرت كثيرا بهذه المناكفات السياسية. في البداية نجحت حكومة الفخفاخ في تقليص آثار الموجة الأولى من العدوى حيث لم نسجّل غير 50 وفاة و 1000 حالة مؤكّدة طوال الفترة الممتدة بين شهري مارس و جوان من سنة 2020. في المقابل، خرج الوضع عن السيطرة منذ مجيء هشام المشيشي في أوت 2020 و سجّلنا قرابة ال310.000 إصابة و 11.000 وفاة في مطلع شهر ماي 2021.

إضافة إلى ذلك، يحتّل التونسيون مرتبة متأخرة في التلاقيح [5]و تزامنت هذه الانتكاسة مع مناخ سياسي و اجتماعي متدهور. منذ صيف 2020، تفاقمت على الميدان الإضرابات في القطاع العام و الخاص و ارتفعت أعداد المهاجرين بشكل كبير. الحكومة حاولت مواجهة هذا السّخط الشعبي عن طريق القمع الأمني و القضائي. تزامنا مع العيد العاشر للثورة، رصدت منظمات حقوق الإنسان في تونس، في الأسبوع الثالث من شهر جانفي 2021 وحده أكثر من 1600 اعتقال ، 30% منهم قصّر[6].

في وزارة المالية، الوضعية أكثر خطورة، حيث فشل وزير المالية علي الكعلي في إقناع قطر بتأجيل سداد ال250 مليون دولار من أصل القرض الذي تحصّلنا عليه في 2012.

عشيّة الخروج المعلن إلى الأسواق المالية العالمية، لم يملك الموظّفون السّامون إلا أن يشعروا بالفعل أنهم في وضع حرج. في مارس 2021، قرّر علي الكعلي إقالة ثلاثة منهم على الأقل ممّا أحدث ضجّة لدى المديرين العامين الذين هدّدوا بالاستقالة الجماعية. في نهاية ذلك الشهر، كشفت وسائل إعلام عن موجة أكبر من الإقالات و لكن الوزير نفاها فيما بعد ، و لازال الشكّ و الريبة يسودان المراتب العليا في الوزارة[7].

في أحدث ظهور إعلامي له، أعلن نفس وزير المالية علي الكعلي عن نيّته جمع 3 مليار دولار، منهم مليار واحد تضمنه الولايات المتحدة الأمريكية، و ذلك قبل إبرام العقد. و اعتبر مختصّون هذه الحركة محاولة للتحايل على الأسواق المالية. و عند سؤاله عن قدرة الحكومة على خلاص أجور القطاع العام لشهري ماي و جوان 2021، أجاب الكعلي أن هذه الأجور “غير موجودة حاليا” (بداية أفريل 2021)[8].

تعوّل تونس في ميزانية 2021 على أن يتمّ سداد أصل الدين الخارجي المقدر ب 6,506 مليار دينار (2,3679 مليار دولار) عن طريق اقتراض 13,015 مليار دينار (4,737 مليار دولار)[9].

يوما بعد يوم، يتبيّن لنا أن الميزانية هي مجرّد أضغاث أحلام و ليست خارطة طريق حقيقية و جدّية.

 

انخفاض قيمة العملة الوطنية يزيد من وطأة الديون

في سياق هذه الأزمة الصحية و الاقتصادية و الاجتماعية، قوّضت الخلافات السياسية مصداقية الدولة و زادت من هشاشتها. و لكن هذه الأسباب غير كافية لتفسير الانهيار الإقتصادي العارم.

تجدر الإشارة إلى أن المدّ والجزر في قيمة صرف الدينار هو السبب الرئيسي وراء تراجع -أو تحسّن- قاسم الدّين/ الناتج الداخلي الخام.

في 2019، انخفض قاسم الدين بالنسبة للناتج الداخلي الخام إلى 72% “بسبب ارتفاع قيمة الدينار و انخفاض عجز الميزان التجاري و الخارجي”. هذا ما أعلنه صندوق النقد الدولي[10] في أفريل 2020. هذه المرة الأولى التي ينخفض (يتحسّن) فيها قاسم الدين/ الناتج الداخلي الخام منذ الثورة في 2011.

و مع ذلك، فإن انخفاض قيمة الدينار التونسي فرض ضغوطا جديدة على الحسابات الوطنية مثلما يذكر قسم الأسواق النامية بوكالة JP Morgan في تقريرها المنشور في جويلية 2020[11] و الذي نقرأ فيه أنّ : “الدين الخارجي ارتفع بمقدار الثلثين ⅔ بين 2014 و 2019 نتيجة لانخفاض قيمة العملة الوطنية”. هذا الدين الخارجي “من المنتظر أن يشهد ذروته في 2021 و في 2024 ليبلغ 18,6 مليار دولار بين 2020 و 2025. ”

تعويم العملة هذا ليس إلا نتيجة لشرط وضعه صندوق النقد الدولي وهو مذكور في برنامج مرفق الصندوق الموسع (Extended Fund facility) في 2015. كان الهدف من هذا الشرط تعزيز الصادرات و كبح التوريد. نتيجة لذلك، كان من المفترض نظريّا أن يقوم النشاط الإقتصادي بدفع نسبة النمو إلى أعلى. و كان الاحتمال قائما منذ البداية بأن يصاحبه ضرر جانبي مهمّ : التضخّم.

للأسف حدث ما كان متوقّعا و في الحسبان و هو ما يفسّر التدهور الحتمي للقدرة الشرائية للتونسيين.

 

فخّ الديون : كلّما سدّدنا ديوننا، كلما ازدادت

منذ 2011، تواجه تونس حاجة مستمّرة لتوفير سيولات جديدة من العملة لتعويض النزول الذي تشهده الصادرات  والاستثمارات الخارجية المباشرة IDE. كان التداين المكثّف هو السّبيل الذي سلكناه و يبدو أنه الأسهل و لكنّه في الحقيقة الأكثر خطرا. وبالتالي التجأت تونس غالبا إلى مانحي القروض الرسميين و الخواص لتوفير حاجياتها من العملة.

لقد وقعت تونس بشكل مستمر و متواصل تحت طائلة “برامج” صندوق النقد الدولي : في 2013 الترتيب الاحتياطي Stand-by Arrangement ، في 2016 برنامج مرفق الصندوق الموسع Extended Fund Facility و في 2019 برنامج أداة التمويل السريع. أما البرنامج الرابع فهو قيد التفاوض الآن.

يأمل رئيس الحكومة هشام المشيشي الحصول على قرض بقيمة 4 مليار دولار وهو مبلغ قياسي. لماذا تعتقد الحكومة أنه لا غنى عن صندوق النقد الدولي ؟

إن مجرّد وجود تونس تحت وطأة برامج صندوق النقد الدولي هو ضمان لدائنيها الآخرين بأنها مستسلمة لسياسة الصندوق و أنها تعطي الأولوية لخدمة الدين و لتعويم العملة الوطنية و لفتح الحدود أمام رؤوس الأموال و السلع.

في هذا السياق بالذات، يلعب صندوق النقد الدولي دورا حاسما ك “مُقرض الملاذ الأخير” باعتبار أنه يوفّر السيولة عندما تنضب و عندما يرفض جميع المُقرضين الآخرين ذلك. هذه السيولة يمكن أن لها بسهولة أن تمرّ عبر تونس لتنتهي في جيوب بقية المانحين مما يدفع الدولة إلى الاقتراض أكثر. في الوقت الذي تتفاوض فيه تونس في ماي 2021 حول قرض جديد من صندوق النقد الدولي، يجب أن نعرف أن جزءا من هذا القرض سوف يعود إلى نفس الصندوق باعتبار أن تونس يجب أن تسدّد له 185 مليون وحدة من حقوق السحب الخاصة المعروفة بSpecial Drawing Rights أي ما يقارب ال 268 مليون دولار، فيما سيذهب الباقي إلى دائنين آخرين.

في 2011، نظرا لأن الديون التي تمّ اقتراضها في عهد زين العابدين بن علي قدّ حان أجل خلاصها، احتاجت تونس إلى سيولة جديدة من العملة. لذلك فقد كانت البلاد مستعدّة لتوقيع أية اتفاقية مهما كانت لتوفير العملة حتى لو تطلّب الأمر الالتزام بإنجاز مشاريع غير مدروسة و دون أثر يذكر. بالفعل، يبيّن تقرير دائرة المحاسبات حول الدين الخارجي الصادر في 2018، أن القروض الموجهة لإنجاز المشاريع قد تمّ تعليقها أو إهمالها و أنها تشكو من ضعف أو غياب كامل للمتابعة. السبب وراء ذلك هو أن هذه المشاريع لم تكن مناسبة لحاجيات الشعب و لم تستجب لتطلعاته. في النهاية، يبقى الهدف الرئيسي لهذه المشاريع الحصول على العملة الصعبة و ليس الاستجابة لتطلعات التونسيين و التونسيات كما اعترف عديد الموظفين السّامين في مقابلات مختلفة.

 

نتداين لنستورد

إن الحاجة إلى الحفاظ على احتياطي العملة ليس فقط استجابة إلى ضرورة خدمة الدين. إنه أمر حتمي نابع من المنظومة الاقتصادية التونسية المعتمدة بشكل واسع على تصدير منتوجات ذات قيمة مضافة ضعيفة و على استيراد سلع وبيعها في السوق المحلية بهامش ربح كبير. غالبا، يتمتّع كبار المورّدين بمواقع مهيمنة و بامتيازات لا نجد لها تبريرا، كالامتيازات الديوانية والجبائية. وفي المقابل، يعاني صغار الموردين من عراقيل مجحفة وتعجيزية.

إلا أنه، حتى نستطيع التوريد، يجب أن يكون لدى البنك المركزي ما يكفي من العملة الصعبة لإعطاء اعتمادات مستنديّة (lettres de créances)  للمورّدين الرّاغبين في تحويل دنانيرهم إلى دولارات أو غيرها من العملات. في هذا السياق تحديدا يتبيّن الدّور الخبيث للنخب في علاقة بالدّين : يجب تحقيق معادلة لتدفّق للديون و للعملة حتى نحافظ على رأس مال متداول احتياطي (fonds de roulement de réserve) يسمح للفاعلين المهيمنين بمواصلة نشاطهم التجاري. إن فشلنا في احداث صناعة ذات قيمة مضافة عالية ينبع جزئيا من هذا المنوال الاقتصادي -وهو ما يفسّر أيضا فشلنا في تحسين وضعية الطبقة الوسطى و انعدام التنافسية بين النخب الراسخة-.

 

ديون تثقل كاهل النمو

بينما تصوّر الدول الغربية فيضانات القروض على أنها “مساعدات” ، من الواضح أن هذه القروض ليست هبة أو صدقة.

منذ 2013 على الأقل، دقّت العديد من صفّارات الإنذار تحذيرا من الحلقة المفرغة التي ستدخل فيها البلاد و المتمثّلة في التقشّف : التداين المفرط يعطّل خلق الثروة.

حسب دراسة أصدرها المعهد التونسي للقدرة التنافسية والدراسات الكمية[12]، “إذا تجاوز قاسم الدين العمومي/الناتج الداخلي الخام  48,5 % ، سوف يخنق هذا الدين نسبة النمّو. لقد تجاوزنا هذه الرّقم منذ سنة 2014.”

هذه النسبة المائوية يمكن أن تتجاوز عتبة ال100% حسب بعض التوقعات لسنة 2021.

ورغم ذلك، لا يبدو أن حمّى التداين قد عرفت حدودا بعدُ : لم تعرف بلادنا أبدا كثرة للقروض الموقّعة كما في العشرية الأخيرة.

فسياسة التداين -إن وُجدت- تحمل إشكاليات عديدة في الشكل والمضمون. “هل تؤثّر تركيبة الدين الخارجي على النمو الاقتصادي في تونس ؟ ” [13] هكذا تساءل سمير عبد الحفيظ في “نجاعة البرامج و المشاريع الممولة من المؤسسات المتعددة الأطراف في تونس على النمو الاقتصادي”.

يشير الخبير الاقتصادي التونسي سمير عبد الحفيظ الذي درس الفترة بين 1970 – 2018، إلى أنها (أي المشاريع الممولة من المؤسسات المتعددة الأطراف في تونس) ” تبيّن مدى حاجتنا إلى إعادة التفكير في أساليب التفاوض حول الديون متعددة الأطراف و الغير ميسّرة و مراجعة الإصلاحات والمشاريع التي رافقتها.”

يؤكد الخبير الاقتصادي أن القروض الثنائية لها أثر أفضل على النمو الإقتصادي من القروض المتعددة الأطراف التي تحمل أثرا سلبيا. ومع ذلك، نصف رصيد تونس من الدين الخارجي اليوم يأتي من مؤسسات متعددة الأطراف.

 

الدفاع عن تحصيل الديون

كيف كان من الممكن لمقرضي تونس اعتبار الدين العمومي التونسي “قابلا للتحصيل” طوال هذه السنوات ؟ لم تكن أي حكومة مستعدة لتحمل مسؤولياتها و الإعتراف بفخّ الديون الذي سقطنا فيه و مواجهته. كلّ ما تكترث له كلّ التيارات السياسية في البلاد هو الحفاظ على تدفق السيولة لمركب يغرق شيئا فشيئا وبشكل حتمي. كلّ الحكومات تجنّبت إعلان التوقّف عن السّداد لكي لا يتمّ تعليق الفشل عليهم.

المثير للسخرية أيضا هو أن توقيع قروض جديدة كان لسنوات طويلة مدعاة للاحتفال في وسائل الإعلام على أنه دليل على ثقة ودعم المجتمع الدولي. لقد مدحوا و صفّقوا لكلّ قرض جديد وكأنه إثبات لأن صورة تونس لدى الخارج جيّدة و أنها تجتاز بنجاح اختبارات “الانتقال الديمقراطي”. بعد ذلك، تعتبر المؤسسات المالية الدولية والمقرضون الرسميون أن إبقاء صُنْبُور القروض مفتوحًا هو وسيلة لدعم هذا “الانتقال الديمقراطي” المزعوم.

من المفارقات أن المؤسسات المالية الدولية مستعدة لاعتبار الدين التونسي “قابلا للتحصيل” (sustainable) فقط إذا كانت بلادنا قادرة على السّداد لدائنيها.. حتى لو كانت تقترض أكثر للقيام بذلك.

لمساعدتنا على “خلق الثروة” -التي سينتهي بها الأمر في خدمة الدين- نجد وصفات جاهزة للاستعمال تتكون من الخوصصة و التحرير و بالتالي التقليص من التوجه نحو دولة الرفاهية ( Welfare State – l’Etat-providence). مهما كانت الطرق، غاية سداد الديون تبرر الوسيلة.

يبدو أن ديون تونس هي سلاح لاخضاعها للتقشف وليس “مساعدة على الانتقال الديمقراطي”.

في ثمانينات القرن الماضي، و قبل اندلاع أزمة الدين في أمريكا اللاتينية بقليل، اعتبر “والتر ريستون” المدير السابق لCitibank أن “الدول لا تفلس” (Countries don’t go bust)[14]. هذا التصريح هو في الحقيقة تعريف ل”القدرة على استخلاص الدين” من وجهة نظر نيوليبرالية مهيمنة : الدولة “المستدامة” هي الدولة التي لديها ما تبيع لخلق الثروة و سداد الدين. هذا ينطبق على تونس أيضا : عندما يعتبر الدائنون أن الدين التونسي “مستدام” ، هم في الحقيقة يقصدون أنه “قابل للخلاص”. هذا يعني ضمنيا أن الدولة لازالت تملك شيئا تبيعه أو تؤجّره لمدّة طويلة تصل إلى عشرات السنين : طريق سريعة، مطار، أراض أو قوى عاملة تباع بأثمان بخسة. بمجرّد بيع كلّ شيء، لن تكون هذه الدولة موجودة بعد ذلك و سنتحدّث حينها عن السيناريو المرعب لما يسمّى بالدولة الفاشلة (un Etat failli).

وهكذا، يتبيّن أن إقراض دولة حين يكون دينها غير قابل للتحصيل، يجعلها تسدّد في حين أنها غير قادرة على ذلك و هذا ما يعزز أولوية الدائنين على حساب مصالح المواطنين.

 

دور المؤسسات المالية الدولية في وقت الجائحة

 

يعكس اقتناء تونس للقاحات كوفيد 19 اعتماد البلاد المفرط على القروض. في منتصف مارس 2021 ، تبجّح نائب رئيس البنك الدولي فريد بلحاج بجهوده للحصول على قرض جديد بقيمة 400 مليون دولار ، سيسمح 100 مليون دولار منهم “بشراء لقاحات كوفيد 19”. وبعد أيام قليلة ، تم تخصيص مبلغ إضافي قدره 100 مليون دولار. وأشاد المسؤول التونسي بالبنك الدولي بجهوده ، وكشف أن سلطات بلده الأم لم تكن قادرة على توفير هذا المبلغ في ميزانية 2021 لتلبية هذه الحاجة الملحة. تم الإعلان عن قرض ثان بقيمة 85 مليون يورو بعد شهرين … لنفس خانة المصاريف.

إذا كانت الموارد شحيحة إلى هذه الدرجة، و إذا كانت الحكومة و الدولة غير قادرتين على الإستجابة إلى هذه الحاجة الملحّة و المتوقّعة، هذا يعني أن تونس قد وقع إيداعها في حالة إنعاش اصطناعي و أنها غير قادرة على السّداد ولكن مع تأجيل التنفيذ.

لماذا لا تستطيع البلاد كسر جدار خوفها ؟ و نعني بهذا رفض خدمة الدين على حساب حسن التصرف في الأزمة الصحية و غيرها من المصاريف ذات الأولوية و التي تسمح بخلق مستدام للثروة.

 

تكرّر عدم القدرة على السّداد VS السعي وراء وهم الاستقرار

إن تجارب عدم القدرة على السداد (الحالية و السابقة) تمثّل فترات مرعبة خاصة عندما يعوزها الاستعداد. دون الخوض في قراءة مطوّلة في مختلف تجارب التخلف عن سداد القروض السيادية على مدى قرنين من الزمن[15]، يمكن القول بأنه ليس هنالك “مسار واحد لكلّ التجارب”. إن التنصل من الديون من جانب واحد هو السيناريو الأكثر قصوويّة، و لكن من الممكن الاستفادة من باقة متنوّعة من البدائل مثل إعادة الجدولة أو إعادة الهيكلة أو حتى تعليق سداد الديون لفترة محددة.

بطبيعة الحال، لا يوجد خيار بدون عواقب، و لكن أولئك الذين يرفضون النظر بجدّية في هذه الخيارات، يختبئون وراء ذريعة الخوف من الفوضى.

ولكن يحقّ لنا أن نتساءل إن لم يكن الوضع الحالي للبلاد هو عين الفوضى و ان لم تكن الحالة ستزداد سوءا إن واصلنا في نفس النهج ؟

بالإضافة إلى ذلك، من المؤكّد أن الإستعداد قبل فعل أي شيء هو أمر ضروري. ورغم ذلك، يبقى مجرّد الحديث في أروقة وزارة المالية عن إمكانية التخلف عن السّداد، من المحرّمات، فما بالك بالنقاش أو الاستعداد لسيناريو مماثل.

النخب المهيمنة هي أكبر الرافضين لسيناريو التخلف عن السداد.

في حين أن التنظيمات الاجتماعية المهيكلة (قوى سياسية، نخب اقتصادية، نقابات الخ) ستكون أولى المتضررين، كما أنها ستكون أول من سيدقّ صفارات الإنذار بنهاية العالم حالما يتمّ التطرّق لفكرة عدم السداد في النقاش العام، متعلّلين بالحجة التي تبدو معصومة عن الخطأ بالنسبة لهم و هي “صورة تونس في الخارج” و متناسين صورة تونس “في الداخل”.

في هذه الحلقات الاجتماعية بالتحديد سوف يعلو صوت “عدم التخلف عن سداد الديون” و سوف يؤكّدون على خوفهم على الفئات الأكثر هشاشة و تهميشا.

حقّا ؟

أولئك الذين لا يملكون شيئا أو يملكون القليل لن يخسروا شيئا. في الحقيقة، عانت المناطق المفقّرة و المهمشة بشكل خاصّ من غياب التوزيع العادل للثروة وعانت أكثر من النتائج الاقتصادية للجائجة.

كلّ ما قامت به حكومة المشيشي في مواجهة هذا الإستياء الشعبي هو القمع الأمني، و بتعنّتها في تطبيق نفس السياسات، هذا الحراك الشعبي سوف يتزايد أكثر فأكثر. خاصّة و أنا الطبقة الوسطى التي يُفترض أن تكون عنصر استقرار اجتماعي، تشهد هشاشة و تفقيرا متزايدين.

إن السعي لتحقيق الاستقرار ليس خاصيّة النخب المحلية (معارضو التخلف عن سداد الديون) و إنما المقرضين أيضا. كابوسهم الأعظم هو رؤية جحافل من الإفريقيين تعبر البحر الأبيض المتوسط في اتجاههم. وبالتالي، يحاول الدائنون بكلّ السبل تجنّب “إعلان عدم القدرة على سداد الديون” خوفا من موجات الهجرة التي قد تنتج عن ذلك، وذلك حسب مصادر أوروبية.

اقتصرت سياسة الدول الغربية في تونس على السعي وراء البدائل السياسية الأقلّ سوءا و دعمها (مثلما فعلوا مع بن علي طوال عقدين من الزمن) وذلك عبر إعطاء الأولوية لاستقرار “مغشوش” و “ديمقراطية” ظهر تعثّرها.

حسب عدد من الدبلوماسيين الأوروبيين، يُعتبر رئيس الحكومة هشام المشيشي الرّجل الذي سيقود البلاد إلى برّ الاستقرار. في نفس الوقت، يقلّلون من شأن نزعته التسلّطية في في التعامل مع الاحتجاجات الاجتماعية كوزير للداخلية بالنيابة : ايقافات و أحكام بالسجن بالمئات ، تخويف للناشطين و الفنانين إلخ.

و لكن هيهات. إسناد القادة السياسيين الضعفاء و الذين لا يحظون بأية شعبية لمجرّد أنهم سوف يحققون الاستقرار و سوف يراقبون الحدود هو ضرب من ضروب الوهم.

في الواقع، إن منح قروض بالعملة الصعبة للمؤسسات والحكومات الفاشلة سيعزز و يوسّع موقعها و سلطتها، ولكن بشكل اصطناعي. إن التوقف الحتمي عن سداد الديون لا مناص منه و يمكن أن يحدث في أسوأ وقت ممكن، عندما تصبح الوضعية السياسية و الأمنية متدهورة بشكل كبير.

لهذا السبب، يجب أن يحصل تغيير في مفهوم “التوقف عن سداد الديون”، أي أن يتحوّل من نهاية درامية للتاريخ، إلى فرصة لترك مساحات مفتوحة للطبقات الإجتماعية المهمشة و الجهات المفقّرة.

في الوقت الذي أصبحت في المخاطر على البيئة مرتفعة و منظومية (systémiques)، من الملحّ جدّا أن نعيد التفكير في فلاحتنا المتجهة نحو التصدير وفي صناعتنا ذات القيمة المضافة المنخفضة وفي سياحتنا التي تعتمد على الحشود الكبيرة وفي الشركات العائلية الشّبه احتكارية وفي الصبغة البيروقراطية التي تكسو الإدارة.

لطالما اعتبرت السلطات التونسية في العشرية الأخيرة أن خدمة الدين تحظى بأولوية مطلقة وقامت فعلا بسداد ما تبقّى من ديون النظام السابق. في حين أن العديد من المنظمات غير الحكومية و الأحزاب السياسية دعت، لا فقط إلى القيام بتدقيق في الدين العمومي ولكن أيضا إلى التنصل من الديون المقيتة (dettes odieuses) بعد 14 جانفي 2011. ولكنها كانت فرصة ضائعة.

فازت تونس بعدد من المعارك الديمقراطية مثل حريّة أوسع في التعبير و التعددية السياسية، ولكنها لازالت تصارع من أجل العثور على السبيل إلى الخلاص الاقتصادي.

الفرصة الضائعة الثانية كانت قد توفّرت لنا في الثلاثي الأول من سنة 2020 تزامنا مع ذروة فيروس كوفيد 19 التي أحدثت تغييرا كبيرا في إدارة الديون. فقد سمحت مبادرة تعليق خدمة الدين DSSI  للدول الأقل تطورا بعدم إهدار مواردها المالية القيمة على المقرضين عوض تخصيصها للصحة.

صحيح أن هذه المبادرة لا تشمل إلا الديون الثنائية ولكنها خطوة أولى للحصول على جرعة هواء نقيّ للقطاعات الحيوية : الصحة، التغطية الاجتماعية، التعليم.

يجب أن تشمل مثل هذه الآليات تونس، ففي الحقيقة، لا شيء يضاهي الاعتناء بصحة المواطنين لكي نضمن نموّا اقتصاديا في المستقبل[16].

سيكون من المؤسف جدّا أن تكون الدول الديمقراطية، وهي مُقرضنا الرئيسي، حجر عثرة في طريق تعافي تونس. بعد 10 سنوات من الثورة، حان الوقت لإجراء تقييم وقد حددت الدول الغربية طريقة انجاز و تقييم “المساعدات” التي تعتقد أن تونس تحتاجها.

من الطّارئ اليوم أن تغيّر هذه الدول منهجها و تتحول من مانحة للأموال إلى مانحة للوقت. وقتٌ دون قروض جديدة، ووقت خالٍ من إلزامية سداد الديون القديمة. إنّ تجنّب “عشريةّ مهدورة” أخرى على المستوى الاقتصادي هو مسؤولية المقرضين والقادة السياسيين.

المراجع

 

[1] McDowall, Tarek Amara, Angus. “Tunisia to Seek $4 Billion IMF Loan, PM Says.” Reuters, May 1,

https://www.reuters.com/article/ozabs-uk-tunisia-prime-minister-idAFKBN2CI32X-OZABS.

[2] “Tunisia : 2021 Article IV Consultation-Press Release; Staff Report; and Statement by the Executive Director for Tunisia.” Accessed April 17, 2021

https://www.imf.org/en/Publications/CR/Issues/2021/02/26/Tunisia-2020-Article-IV-Consultation-

Press-Release-Staff-Report-and-Statement-by-the-50128

[3] Moodys.com. “Moody’s Downgrades Tunisia’s Ratings to B3, Maintains Negative Outlook,”

February 23, 2021. http://www.moodys.com:18000/research/Moodys-downgrades-Tunisias-ratings-to-

B3-maintains-negative-outlook–PR_440068.

[4] “Tunisia : Request for Purchase Under the Rapid Financing Instrument-Press Release; Staff Report;

and Statement by the Executive Director for Tunisia.” IMF Country Report No. 20/103 (April 14, 2020):

https://www.imf.org/en/Publications/CR/Issues/2020/04/14/Tunisia-Request-for-Purchase-Under=the-Rapid-Financing-Instrument-Press-Release-Staff-Report-49327-

[5] Leaders. “Covid-19: 40 associations tunisiennes adressent une lettre ouverte au Président de la République et au Président du Gouvernement.” Accessed May 2, 2021

https://www.leaders.com.tn/article/31685-covid-19-40-associations-tunisiennes-adressent-une-lettre-ouverte-au-president-de-la-republique-et-au-president-du-gouvernement

[6] Réalités Online. “La LTDH condamne ‘l’agression’ et ‘la torture’ des manifestants arrêtés,” February

https://www.realites.com.tn/2021/02/la-ltdh-condamne-lagression-et-la-torture-des-manifestants-arretes/

[7] حوار مع المؤلف في مارس وأفريل 2021

[8] حوار مع وزير الاقتصاد و المالية و دعم الاستثمار السيد علي الكعلي في برنامج “تونس هذا المساء على القناة الوطنية 1.
Time code 25:05. Facebook Watch Avril 2021. https://www.facebook.com/watch/?v=2906059323046312

[9] حسب المعادلة التالية بتاريخ 30/04/2021 : 1 $ = 2,7475 TND

[10] IMF. “Tunisia : Request for Purchase Under the Rapid Financing Instrument… op. cit.

[11] Mikael Eskenazi, Trang Nguyen, Giyas M Gokkent, and Nicolaie Alexandru-Chidesciuc. “Tunisia:

Sunset on Tatooine.” MENA Emerging Markets Research. J.P. Morgan, July 28, 2020.

www.jpmorganmarkets.com.

[12] MENSI, Walid. “Quel taux d’endettement public optimal pour la Tunisie ?” Notes et analyse de

l’ITCEQ. ITCEQ, décembre 2013. http://www.itceq.tn/wp-content/uploads/files/notes2014/taux-endettement-public.pdf.

[13] Abdelhafidh, Samir. “Does the External Debt Composition Matter for Economic Growth in

Tunisia?” Economics Bulletin 40, no. 4 (2020): 2802–18

https://ideas.repec.org/a/ebl/ecbull/eb-19-00873.html

[14] Introduction (p4) Jerome Roos. Why Not Default?, 2019.

https://press.princeton.edu/books/hardcover/9780691180106/why-not-default

[15] ننصح القارئ بالإطلاع على  Jerome Roosل  Why Not Default ? . الذي لخصناه هنا بالعربية والفرنسية

Mohamed HADDAD. “لما لا نتخلف عن تسديد الديون السيادية؟ | Barr al Aman,” February 1 2021,

https://www.researchmedia.org/why-not-default-jerome-roos-review-fr

[16] Gadha, Maha Ben. “Tunisia Joins Forces to Save Global Capital | Barr al Aman,” May 28, 2020.

https://www.researchmedia.org/tunisia-joins-forces-to-save-global-capital-maha-ben-gadha

Mohamed HADDAD

Add comment