Research Media

فرنسا: من كايزاك إلى فيون، تغيير سببه فضيحة

هذا المقال مقتطف من التقرير التالي: https://www.researchmedia.org/ar-rapport-declaration-patrimoine/

إن التشريع الساري المفعول في فرنسا بين 1988 و2013 هو الأقرب إلى الوضع التونسي (17/1987) فقد أثبتت سلسلة من الفضائح عدم جدوى هذا القانون البالي ونجاعة التراتيب والإجراءات التي وقع اقرارها في 2013/2014.ففي 2013 وجد الوزير الفرنسي للميزانية، جيروم كايزاك، نفسه متورطا في فضيحة كبرى: فقد كان بحوزته حساب بنكيا بسويسرا غير مصرح به لدى مصالح الجباية الفرنسية، وهو حساب يحوي ستمائة ألف يورو لا تخضع للآداء على المداخيل. وقد أثارت حتى الاذاعة والتلفزة السويسرية إمكانية وجود حساب آخر يحتوي على 15 مليون يورو.[1]

حصلت هذه الفضيحة خلال فترة، رفعت حكومة فرنسوا هولاند فيها شعار المجهود والتضحية، وحيث كان السيد كايزاك مكلفا بجني مجهودات دافعي الضرائب الفرنسيين. برهنت هذه القضية على عدم نجاعة لجنة الشفافية المالية في الحياة السياسية.

في الواقع، كانت لجنة الشفافية المالية في الحياة السياسية تقارن بين التصاريح في بداية ونهاية فترة التكليف، فإذا ما وجدت فجوة كبيرة جدا، فإنها قد تسعى لإيجاد تفسيرات. غير أن بيانات اللجنة وملاحظاتها كانت سرية، ومن غير الممكن نشرها علنيا بدون طلب صريح من أصحابها أو بناء على طلب من السلطات القضائية[2].

نقطة أخرى مهمة في هذا السياق، حيث كان تأخر التصاريح مسألة شائعة جدا: 25٪ من الممثلين الإقليميين، 9٪ من مسؤولي الإدارات و13٪ من أعضاء مجلس الشيوخ. ولم تتخذ أي عقوبات ضدهم. وفي 16 في المائة من الحالات، لم تحظ التصريحات بالاهتمام الكافي، ولم يكن أقارب السياسيين المنتخبين معنيين بالتصريح.

وعلاوة على ذلك، كان هناك إفلات فعلي من العقاب. بين عامي 1988 و2009، أودعت لجنة الشفافية المالية 12 قضية فقط بالمحاكم. وقد رُفضت جميع القضايا لأن الإثراء غير المبرر، في شكله، ليس جريمة في حد ذاته.كانت قضية كايزاك نقطة الانطلاق لإصلاح هذه اللجنة وإجراءات مكافحة تضارب المصالح والشفافية، حيث اعتمد المجلس الوطني الفرنسي قانونا جديدا بشأن الشفافية في الحياة العامة.[3]

إذ أن هذا القانون يؤسس لإنشاء سلطة إدارية مستقلة لمراقبة التصريح بالمكاسب وتضارب المصالح، وهي الهيئة العليا للشفافية في الحياة العامة (HATVP).

في سبتمبر 2014 وقعت فضيحة ضريبية جديدة تتعلق هذه المرة بكاتب الدولة المكلف بالتجارة الخارجية، توماس ثيفينود أجبرته على الاستقالة بعد تسع أيام من تسميته. اثر ذلك، صدر قانون جديد بشأن الشفافية، ومكافحة الفساد وتحديث الحياة الاقتصادية “القانون سابان 2” مؤرخ في 9 ديسمبر2016[4]، وتوضع بموجبه التصاريح بالمكاسب على شبكة الإنترنت في مرجع رقمي.

مقتطف من تصريح النائب فيون عن دائرة باريس ل HATVP

لعب هذا التغيير دورا حاسما خلال الحملة الرئاسية. من خلال تصاريح المرشحين التي وضعت للجماهير على الانترنت، حيث قام الصحفيون الاستقصائيون بالتركيز على بيانات فرانسوا فيون، المرشح الرئاسي الذي فاز في الانتخابات التمهيدية لليمين والوسط وإجتذب انتباههم مربع يشير إلى وصف “النشاط المهني لزوجته” حيث كشفت العودة إلى مختلف البيانات المحاسبية المتعلقة بالموضوع تجاوزات غير عادية لجملة الأجور التي تتلقاها الزوجة. حيث أشارت هذه البيانات إلى حصول هذه الأخيرة على مبلغ 0.00010€ من مجلة العالمين (La Revue des deux mondes)[5]، و هي مجلة يرأسها قريب لزوجها. زاد الشك في بينيلوب فيون لأنه لم يعرف عنها أبدا أنها قد كتبت مقالات، ولا حتى تحت اسم مستعار.

بالتوازي مع ذلك، انتبه صحفيون من “كانار أونشيني”(Le Canard enchainé) إلى النشاط البرلماني لفيون خاصة بين عامي 1998 و2007، حيث كان يدفع لزوجته من ميزانية الجمعية الوطنية (Assemblée Nationale) كمساعدة برلمانية. كذلك هذه المرة، لم يكن لدى السيدة فيون لا شارة دخول للمجلس أو بطاقة لمطعمه. فكانت بالتالي مجرد وظيفة وهمية[6].

وكانت النتيجة كما هو معروف للجميع، أن فرانسوا فيون، مرشح اليمين لم يتأهل في الجولة الثانية من الانتخابات الرئاسية.

العبرة: قبل 2014 وقضية كايوزاك، كان النفاذ إلى التصاريح غير ممكن. وضع التصاريح على الانترنت دعم نزاهة الطبقة السياسية وثقة المواطنين في ممثليهم المنتخبين وسهل عمل الصحفيين.

[1] انظر إلى هذا الرابط

http://www.rts.ch/info/monde/4799834-jerome-cahuzac-aurait-tente-de-deposer-15-millions-d-euros-dans-un-etablissement-genevois.html

[2] المادة 3، القانون رقم 88-227 من 11 مارس 1988.

[3] انظر النص القانوني التالي: https://www.legifrance.gouv.fr/affichTexte.do;jsessionid=4D5ABB6FD9A6B91831D3EE76FFE83577.tpdjo15v_2?cidTexte=JORFTEXT000028056315&dateTexte

[4] للاطلاع على هذا القانون:
https://www.legifrance.gouv.fr/affichTexte.do?cidTexte=JORFTEXT000033558528&categorieLien=id

 

[5] انظر الى المقال التالي:

https://www.lemonde.fr/affaire-penelope-fillon/article/2017/01/31/penelope-fillon-aurait-recu-900-000-euros-au-total-selon-le-canard-enchaine_5072361_5070021.html

[6] وتجدر الإشارة إلى أن عمل أفراد الأسرة ليس محظورا ولكن يجب إثبات أنه غير وهمي.

Mohamed HADDAD

Add comment